15 فبراير، 2008

أنا بشر

على الوتر‮ - ‬لميس ضيف

إياكم ودعوة المظلوم‮..‬

أطلقت طالبة جامعية سعودية بالتعاون مع صحفية مصرية مقيمة في‮ ‬الرياض حملة ضد التشهير بالنساء والفتيات بعنوان‮ »‬أنا بشر‮«.. ‬رفعت من قوله تعالى‮ »‬وتحسبونه هيناً‮ ‬وهو عند الله عظيم‮« ‬شعارا لها‮.. ‬وتتبنى تلك الحملة منذ سنوات مهمة الدفاع عن كل امرأة وفتاة اتهمت زوراً‮ ‬وإفكا في‮ ‬عرضها وأخلاقها،‮ ‬كما وتقف أيضا ضد التشهير بأي‮ ‬فتاة أخطأت في‮ ‬لحظة ضعف من منطلق أن الإسلام حرم التشهير بالمسلمين وإن كانوا عصاة مذنبين‮.. ‬وتركز‮ »‬أنا بشر‮« ‬على مهمة تطهير مواقع الإنترنت والجوالات من أي‮ ‬مقاطع صوتية أو مرئية تشهر بأعراض الناس إما بإيقاف الموقع نهائيا أو دفع صاحبه لحذف الموضوعات المسيئة‮.. ‬ونجحت الحملة حتى اليوم بإيقاف أكثر من ‮٥٤١ ‬موقعا متخصصاً‮ ‬في‮ ‬الفضائح،‮ ‬كما وقطعت شوطاً‮ ‬هاماً‮ ‬في‮ ‬توعية الجمهور بتبعات هذه الظاهرة وسوءاتها‮..
‬والحقيقة أننا بحاجة اليوم‮ - ‬في‮ ‬ظل ما نشهده من موت للمروءة والضمير،‮ ‬وتهاو للخلق القويم‮- ‬لعشرات من تلك الحملات‮.. ‬بعد أن باتت الشبكة العنكبوتية مستنقعاً‮ ‬لضعاف النفوس،‮ ‬والسفهاء والجبناء الذين‮ ‬يطفئون ما في‮ ‬قلوبهم من‮ ‬غلّ‮ ‬وحقد بطعن الشرفاء في‮ ‬ظهورهم‮ ‬دون أن تهتز ضمائرهم لعظيم فعلهم الذي‮ ‬يحسبونه هيناً،‮ ‬وهي‮ ‬عند الله عظيم كما تشير الآية الكريمة‮..‬
وللأسف فإن كثيرين‮ ‬يشاركون في‮ ‬إثم تلك الرسائل بتداولها ونشرها،‮ ‬استناداً‮ ‬لعبارة‮ ‬يتداولها الجهّال‮ ‬تدعي‮ ‬بأنه‮ »‬لا‮ ‬غيبة لفاسق‮« ‬وهو مفهوم لا أساس في‮ ‬شريعتنا التي‮ ‬تُثيب على الستر وتُغلّظ الوعيد على من‮ ‬يتتبع عورات المسلمين‮.. ‬علماً‮ ‬بأن الضمائر الحية‮ - ‬حتى لغير المتدينين‮ - ‬تعفّ‮ ‬عن اغتيال سمعة الآخرين وتدمير ذواتهم بهذا البساطة‮.. ‬فعندما تسمع عن نشر نفر من الحقدة لمقطع إباحي‮ ‬مذيلاً‮ ‬باسم طالبة جامعية جمالها هو ذنبها الوحيد‮.. ‬تتساءل أي‮ ‬مرض هذا الذي‮ ‬يخرس الضمير بهذا الشكل المقيت‮.. ‬علما بأن المقطع لم‮ ‬يظهر وجه بطلته بما‮ ‬يتيح الجزم بهويتها؛ إلا أن ذلك لم‮ ‬يردع العاديين عن التشهير وتسقيطها لمجرد ورود اسمها في‮ ‬المقطع‮..!!
‬قبلها تدمرت حياة طالبة طب في‮ ‬الـ ‮١٢ ‬عندما رفضت الزواج من شاب فنشر صورتها على النت على جسد عارٍ‮ ‬مرفقه برقم هاتفها‮.. ‬ولم تستطع السلطات إثبات شيء ضده‮!! ‬مؤخرا فقط‮.. ‬وزعت صور زفاف بدعوى أنها التقُطت في‮ ‬زواج شواذ‮.. ‬من‮ ‬يتصفحها من ذوي‮ ‬الأعين النقدية التي‮ ‬لا تعترف بالأحكام المسبقة‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يتبين‮ - ‬بجلاء‮- ‬أن العروس ليست رجلا كما تزعم الرسالة في‮ ‬عنوانها‮.. ‬ليست آية في‮ ‬الجمال والنعومة نعم‮.. ‬ولكن ذلك لا‮ ‬يبرر بأي‮ ‬حال وصمها بالرجولة‮!!‬بالطبع انهارت الفتاة وأودعت المستشفى،‮ ‬وأصيب زوجها بصدمة حادة‮.. ‬ولأي‮ ‬منكم أن‮ ‬يتخيل وطء تناقل صور زفافه بدعوى أنه شاذ وزوجته رجل على حياته ونفسيته‮..!! ‬هناك كثير الذي‮ ‬يمكن أن‮ ‬يقال في‮ ‬هذا الموضوع لولا ضيق المساحة‮.. ‬لذا نكتفي‮ ‬بالقول إن عين العدالة لا تزال‮ ‬غافلة وقاصرة‮ - ‬لليوم‮ - ‬عن النيل من مروجي‮ ‬تلك الأباطيل‮ - ‬وناشريها‮ - ‬ولكن عين الله لا تنام ولا تغفل عنهم‮.. ‬ونذكر من‮ ‬يستسهلون الخوض في‮ ‬الأعراض والإساءة للناس أن‮ ‬يتقوا الله في‮ ‬أنفسهم،‮ ‬ويتذكروا أن دعوة المظلوم ليسَ‮ ‬بينها وبين الله حجاب.
منقول من جريدة الأيام الجمعة 15فبراير 2008

ليست هناك تعليقات: